حاجات
الإنسان هي نفسها في مراحل الطفولة والشباب والكهولة، خصوصاً الحاجات
الفسيولوجية. هذه الحاجات التي تتمثل في الطعام والشراب والكساء والدواء
وحاجات نفسية من الحب والتقدير وتحقيق الذات والصحة النفسية.. وما إلى ذلك.
الا
أنّ لكل مرحلة عمرية تطلعات وإدراكات تختلف عن غيرها من المراحل،
فبالإضافة إلى الحاجات المتفق عليها للناس جميعاً، فإنّ الشباب يواجهون
حاجات خاصة بهم، فالشباب هم طلبة المدارس في المراحل الأخيرة، وطلبة
الجامعات، وهم العمال، والموظفون على كافة أشغالهم، وتزيد احتياجاتهم إلى
المطالعة والترفيه وتحقيق الذات والعمل والكسب المادي لمواجهة أعباء
الحياة.
وتتنوع
نظرتهم إلى وسائل الإعلام مثل الصحف والاذاعة والتلفزيون. ومن هنا لابدّ
للاعلاميين سواء في الاعلام المحلي أو الاعلام الدولي الموجّه تحسس مشكلات
فترة الشباب وخصوصاً المراهقة.
ونحن
نستطيع بدورنا أن نحدد مرحلة الشباب من سن 13 حتى سن 40 حيث مراحل الأحداث
والمراهقة والنضج والزواج وتكوين الأسرة والدراسة والعمل والزواج وغيرها.
فلابدّ من تحسس مشاكل الشباب وتصميم برامج اذاعية وتلفزيونية محلية ودولية
ملائمة لهذه الفئة العمرية سواء كانوا ذكوراً أم اناثاً.
هذه
المشاكل مثل: قلة فرص العمل أو البطالة، ارتفاع تكاليف الزواج والمهور،
الادمان على المشروبات، أو تعاطي المخدرات، أو الحبوب المهدئة، أو المنشطة.
التطرف والجنوح في قضايا أساسية قد تكون وطنية محلية أو قضايا عالمية.
الاغتراب بسبب العمل أو الدراسة. انهيار العلاقات الأسرية وتفككها.
المعاناة من وقت الفراغ وسوء استخدام الوقت وخاصة التعامل مع أوقات الفراغ.
افتقاد الشباب إلى الوعظ والارشاد والتوجيه في مراحل سن الشباب. الأمية
الثقافية أي قد يكون الشاب متعلماً ولكنه يفتقر إلى مهارات ثقافية مثل
الاطلاع والبحث والمطالعة والانترنت والكمبيوتر ومتابعة الأحداث الساخنة.
غياب الصحة النفسية بسبب المعاناة الناجمة عن متاعب خاصة أو عامة. ومن هنا
يقع على عاتق الأسر والحكومات والاتفاقيات الدولية والاعلام المحلي
والاعلام الدولي بالتدخل لتوجيه الشباب وارشادهم وحل مشاكلهم عن طريق
التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمشاركة في المشاريع وعمل
مؤتمرات ومعسكرات للشباب وتطوير الأندية والمنتديات والعلاقات الشبابية
الدولية وتوجيه الشباب نحو سلوك أفضل وتخصيص ندوات وصحف للصحف وتعريف
الشباب بمشكلاتهم الخاصة والمحلية والاقليمية والدولية وطرق حلها ومشاركتهم
في حلها، وخلق روح المواطنة والانتماء لدى الشباب، وانشاء مؤسسات شبابية،
ودعم هذه المؤسسات، وفتح أبواب العمل وترسيخ القيم والمبادئ والعادات
الحسنة في الشباب وروح التسامح والتعاون الدولي، وطرح مشاكل الشباب
ومناقشتها، ومشاركة الشباب في تصور حلول لها. ومن هنا يأتي دور الاعلام في
الصحافة والاذاعة والتلفزيون فيما تم ذكره.
ويمثل
الشباب الشريحة الأكبر في المجتمع، حيث تشير الاحصائيات إلى أنّ الشباب
يمثلون ما يقرب حوالي 45% من سكان العالم. ويقدر حجم الشباب في بلدان
العالم الثالث بالنسبة لمجموع السكان حوالي 80% حسب إحصائيات اليونسكو UNESCO منظمة التربية والتعليم والعلوم الدولية.
ونظراً
لأهمية هذه الشريحة من سكان العالم، قررت الجمعية العامة للأُمم المتحدة
تسمية عام 1985 العام الدولي للشباب، وذلك بهدف دفع الشباب في العالم إلى
المشاركة في عمليات التنمية والسلام الدولي. وتوعية الرأي العام العالمي
بالشباب ومشكلاتهم، وحل هذه المشاكل، ودفع الشباب للمشاركة في عمليات
التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يضع على عاتق الاعلام المحلي لدول
والاعلام الدولي مسؤولية كبيرة في تطبيق رسالة الأُمم المتحدة نحو الشباب
ودورهم الإيجابي، والابتعاد عن السلبيات الضارة بالمجتمع المحلي والمجتمع
الدولي، ويشاهد الشباب في معظمهم قنوات العالم التلفزيونية الفضائية، مما
يؤثر ذلك وينعكس على سلوكهم، فالأفلام السينمائية الشاذة وغير الهادفة
وأفلام العنف قد تكون ضارة بالشباب، بينما برامج المسابقات والارشاد والوعظ
والتوعية قد تكون أكثر من غيرها فائدة لهذه الشريحة من المجتمع، وعلى
المجتمع في مجال الاعلام الدولي والتلفزيون خاصة أن يتنبه إلى مسؤوليته
تجاه شباب العالم الذي يقبل بنهم على برامج التلفزيون والقنوات الاضافية،
بالإضافة إلى عالم الانترنت وعالم الصحافة والمجلات المتخصصة ودور السينما.
ولذا يقع على عاتق الاعلام الدولي والاعلام المحلي أن يقوم بدور هام في
مجال الاذاعة والتلفزيون نحو الشباب في عمل برامج تناقش قضايا الشباب،
وواقعهم، وبرامج تتعلق بالتوجيه المهني للشباب والتوجيه الثقافي أيضاً،
وتدعيم السلوكيات الجيِّدة والقيم العالية والعادات الحسنة.
وكذلك
برامج تساهم في تنمية قدرات الشباب على التفكير الخلاق والابداع
والابتكارات، وعرض الدراسات والبحوث التي تتم حول الشباب والتعليق عليها
لتبصر الشباب بكيفية مجابهة المشكلات وقضايا الساعة والأحداث الساخنة.
وكثيراً ما
نشاهد من برامج على قنوات فضائية تستمتع إلى تعليقات الشباب حول مسائل
حيوية هامة، مثل الحروب الدولية والعولمة والغزو الفكري والثقافي، ولابدّ
من تشجيع الشباب على المشاركة في مثل هذه البرامج.
ولابدّ
من أن يتمتع الشباب بحرية التعبير وإحساسهم بأن آراءهم لها قيمة ووزن في
وسائل الاعلام المحلي والدولي، وبالتالي يجب الاستمرار في دعوة الشباب
للمشاركة في برامج إعلامية وتعريفهم بأهمية هذه البرامج التي تعود على قطاع
الشباب من هذه البرامج.
لابدّ
من الاعلام الدولي أن يركز على قضايا الشباب بحيادية وخصوصاً في العالم
الثالث، وتصميم برامج اذاعية وصحافية وتلفزيونية تبحث في الحالة النفسية
للشباب، وترشيد دور الشباب في التعاون الدولي. وتمثل الرياضة والاعلام
الدولي الرياضي ظاهرة صحية، ويجب أيضاً التعامل معها بطريقة مناسبة بحيث
تشجع روح التعاون الدولي.
ومن
البرامج التلفزيونية في الاعلام الدولي المفيدة للشباب برامج المسابقات،
وبرامج الحوارات واللقاءات، وبرامج ابداعات وابتكارات الشباب، وانتاجهم
الأدبي والثقافي، ولابدّ من دعم دولي مشترك لهذه البرامج من خلال
التلفزيون.
وفي
مجال الشباب يلعب التلفزيون كوسيلة إعلام دولي دوراً هامّاً في حياتهم
إيجاباً إذا كانت البرامج هادفة، كأن تكون برامج تسلية وترفيهية ومسابقات
وارشادية وتربوية ومالية واقتصادية واخبارية وتعالج مشاكل الشباب وقضاياهم
ومشاركتهم واندماجهم في المجتمع.
وقد
يكون دور التلفزيون سلبياً على الشباب إذا ما نظرنا إلى ما تعرضه القنوات
الفضائية من أفلام عنف ورعب وإدمان وقتل ومطاردات بوليسية، مما يثير في نفس
الشباب وخاصة في مرحلة المراهقة جنوح نحو ارتكاب الادمان والمطاردات،
واستخدام العنف والانحراف، وبالتالي يلزم مراقبة الشباب في مرحلة المراهقة
وما بعدها، ومحاولة تنظيم برامج تثقيفية وحجب أفلام الرعب والقتل والجريمة
عن الشباب خوفاً من التقليد، كالسطو على البنوك.
وكذلك
قد يساعد الاعلام الدولي عن غير قصد باشعال ثقافة الارهاب، وهو يحاول أن
يبرز الغزو وميادين القتال والعنف العسكري والغزو الفكري.
ولعل
هناك إيجابيات للتلفزيون سواء المحلي أو الدولي في اعداد برامج تلفزيونية
تعرض على القنوات المختلفة كوسيلة اتصال جماهيري، تتضمن مواقف تشرح فيها
اجراءات تجنب الجنوح عن طريق برامج الحوارات والمناقشات. وكذلك المواد
الدرامية الخيالية.
وهكذا فإنّ الإعلام الدولي في مجال التلفزيون نحو الشباب قد يكون تأثيره إيجابياً أو قد يكون سلبياً.
المصدر: كتاب (الإعلام الدولي والعولمة الجديدة)